الحكومة تتلف موسم الحشيشة… والمزارعون تُركوا لمصيرهم

بعد أشهر من الوعود الرسمية وإقرار الآلية التنفيذية لقانون تشريع زراعة القنب الهندي للأغراض الطبية وتعيين الهيئة الناظمة التي أُريد لها أن تكون بوابة دخول المزارعين إلى اقتصاد منظم وقانوني، جاء قرار الحكومة الأخير ليقلب المشهد بالكامل. فقد أقرّ مجلس الوزراء عدم السماح بتصريف محصول الحشيشة لموسم 2025، مع التوجّه إلى مصادرته أو تلفه بشكل كامل ضمن خطة رسمية.

هذا القرار مثّل صدمة كبيرة للمزارعين الذين التزموا بالتوجيهات السابقة وزرعوا أراضيهم على أساس تعهّدات واضحة من الهيئة الناظمة بأنها ستشتري محصول هذا العام «كخطوة أولى لإثبات الجدية» ولبناء الثقة مع المجتمعات الزراعية التي عانت لعقود من التهميش. لكن الدولة، مرّة جديدة، تراجعت في اللحظة الحاسمة، تاركة المزارعين يواجهون خسائرهم وحدهم.

اللافت أن الانقسام لم يكن فقط بين الدولة والمزارعين، بل داخل الهيئة الناظمة نفسها. فهناك من رأى أن الاستفادة من موسم 2025 ضرورة لإطلاق المسار القانوني تدريجياً، بينما أصرّ فريق آخر على أن المحصول الحالي «غير قانوني» ويجب تلفه حتى اكتمال الإطار التنظيمي الكامل للقطاع. ورغم أن غالبية أعضاء الهيئة مالت إلى الخيار الأول، قررت الحكومة تبنّي الرأي المتشدّد، معتبرة أن أي تصريف للموسم يشكل مخالفة للقانون وأن الهيئة غير مستعدة بعد لإدارة العملية.

قانونياً، قد تجد الحكومة لنفسها تبريراً. لكن واقعياً، ترك القرار أثراً عميقاً على الثقة التي كانت بالكاد بدأت تتشكل بين الدولة والمزارعين. فهؤلاء الذين التزموا بالقانون وبالوعود الرسمية وجدوا أنفسهم فجأة أمام مصير مجهول، وخسائر كبيرة، ورسالة واضحة: لا ضمانات حقيقية من الدولة، ولا التزامات يمكن الركون إليها.

الخشية اليوم أن يؤدي هذا القرار إلى تدمير ما تبقى من الثقة، ودفع المزارعين إلى رفض أي تعاون مستقبلي مع الهيئة الناظمة، وبالتالي إجهاض فرصة كان يمكن أن تتحول إلى قطاع اقتصادي وتنموي واعد. فبدلاً من أن يكون موسم 2025 بداية إصلاح حقيقي، انتهى بتلف المحصول، وتَرْك المزارعين لمصيرهم.